تاريخ الحضارة الإسلامية تاريخ عريق مليئ بالأمجاد والفتوحات بل إن حضارتنا الإسلامية هي الشمس التي أشرقت على العالم عندما كانت أروبا ترزح تحت ظلام الجهل ومطاردة الساحرات، لكن تاريخ المسلمين لم يكن دائما بذلك البياض الذي نظن، بل كانت هناك نقاط سوداء تمثلت في ممارسة اللواط مع الغلمان داخل قصور بني أمية وبني العباس والفاطميين والموحدين والمرابطين سنميط اللثام عن بعض هذه الطابوهات المسكوت عنها والتي لم يتم حتى التلميح إليها في مناهجنا التعليمية.
![]() |
ظاهرة الغلمان و اللواط في قصور الدول الإسلامية عبر التاريخ |
من امبراطورية إلى أخرى أضحى حب الغلمان باعتباره إسرافا في الترف علامة من علامات المجتمع المخملي في قصور الاغنياء والأمراء وقصائد الشعراء، وقصص القضاة والفقهاء في العصر العباسي خصوصا، في هذا الفضاء تعددت الوظائف التي كان يصرف لها العبيد، وحصل تمييز واضح بين هذه الوظائف والاستغلال الجنسي. كما توضح وفاء الإدريسي:
"فالغلام هو ذلك العبد الصبي الذي يستغله مالكه جنسيا، بينما العبد فينحصر دوره في وظائف أخرى ويوجد هذا التمييز أيضا عند الإناث ف" الأمة" هي التي تكلف بأشغال مختلفة بخلاف الجارية المتخذة حصرا للمتعة".
وسط هذا التمييز العام، كان الأقبال على البيض من الصبية العبيد أساسا لاتخاذهم غلمانا. ويقول قابوس نامة عن الغلمان المتخذون للمعاشرة:
"فهذا الغلام المتخذ "للمعاشرة" يجب أن يكون معتدلا في الطول والقصر وفي السمن والنحافة والبياض والحمرة وجعودة الشعر واسترساله ناعم الجلد ومستوي العظام وأسود الهدب وفاحم الحاجب ومسحوب الانف وأشهل العين ومدور الذقن وأحمر الشفة"كما نرى من خلال ما قاله قابوس أن هذه الصفات الأنثوية قد ساهمت بشكل كبير في انتشار اللواط في القرنين الثاني والثالث للهجرة. بيد أن الجميع لم يكن بمقدورهم امتلاك ما يلزم لشراء هذا النوع من الغلمان، فأقبل البعض على الغلمان السود، نظرا لأن ثمن بيعهم كان أبخس. وكان توظيف العرب الغلمان للمتعة نتيجة طبيعية مرت بها جميع الحضارات الأخرى عندما غرقت في الترف، فصار بامكان الرجال أساسا البحث عن أشكال لذة مختلفة .رغم النهي الصارم في النظام الأخلاقي الديني عن اللواط بكل أشكاله ومن ضمنه معاشرة الغلمان فهذا الواقع المليء بالجواري والغلمان ساهم بشكل كبير في انحطاط بعض الدول في المشرق الإسلامي. بالاضافة لبعض الآثار الموروثة عن فترات الوجود الإسلامي بالأندلس.
يحكى أن الخليفة الأموي، الوليد بن يزيد كما ورد في كتاب" الأغاني" :
كان يغطس نفسه داخل برميل مليء بالخمر، بينما الغلام المعروف باسم "معبد" يطرب، وبعدما يغذق على العزفين بالهدايا، يوصيهم بعدم إشاعة خبر دخوله برميل الخمر.
ظهر الغلمان أول الأمر خلال العصر العباسي وقد كان المكلفون بانتخابهم للخلفاء العباسيين سواء من الاقتناء أو السبي يختارون أجودهم ويسلمونهم إلى قهارمة القصور فيعمدون إلى تربيتهم وتعليمهم الشريعة الإسلامية ويثقفونهم ويعلمونهم آداب الملوك ومعاني السياسة وأمور القتال والفروسية حتى إذا أتقنوا هذه الأمور جعلوهم من خواص الخلفاء. كما اهتم الفاطميون أيضا بتنشئة الغلمان ويبدو أن السلاطين الأيوبيون ساروا على ذات النهج، وأضافوا ما رأوه مناسبا لعصرهم في تربية غلمانهم، فكان الغلمان يكافؤون إذا أتقنوا فنا من الفنون بترقيتهم في وظائف ورتب عليا وإقطاعات ومنهم من كان يتم تحريره ويعرف الواحد منهم باسم "معتق"مقرونا باسم سيده "عتيق فلان".
كان الخليفة المنصور العباسي 753-774 م أول من استعمل مواليه وغلمانه في أعماله وقدمهم على العرب، واقتدى من جاء بعده من الخلفاء، واستكثر بنو العباس من الغلمان حتى أضحوا يشكلون حرسهم الخاص، وبعدما تدعمت ثقة هؤلاء الخلفاء في غلمانهم، أوكلوا إلى بعضهم مهاما كانت مقتصرة على الاحرار فجعلوا منهم ولاة، ومدبري دولة، ومشرفين على بيت المال. كما اشترى يعقوب بن ليث الصفار مؤسس الدولة الصفارية في سجستان في عهد المعتمد غلمانا صغارا من الترك استخدمهم في الجيش والقصر وسار على نهجمهم الإخشيديون والفاطميون من بعدهم.
أما في الغرب الإسلامي وبالخصوص الدولتين الموحدية والمرابطية الذين ظهرت عندهم ظاهرة حب الغلمان بعد وصولهم إلى الأندلس متأثرين بالمناخ الأندلسي الذي شاع فيه لواط الغلمان يقول الباحث المغربي عباس فراق:
"وصلت ظاهرت الغلمانية من الأندلس إلى المغرب حيث ستجد لها مكانا في بيوت الأعيان،فكان العبد الأسود مكلفا بمهمتين أولهما أنه رجل ثقة والثانية أنه حارس الحريم، فيما تولى العبد الأبيض تلبية حاجات سيده الجنسية، كما كان الغلمان الروم والمولدات الحسان من بين ما كان يصدره المغرب إلى المشرق، بالاضافة إلى الحرير و أكيسة الصوف الرفيعة"كما شارك التجار اليهود المعروفون "الرذانية" في هذه النشاطات التجارية. أما في عصر المنصور الذهبي فكان الحريم يتكون حصرا من النساء والخصيان أما باقي طاقم العاملين في القصر فيتكون أغلبه من غلمان أوروبيون تحولوا حديثا إلى الإسلام.
لم يكن قصدي من وراء هذا الموضوع تشويه تراثنا العربي الإسلامي بل بالعكس كان همي هو نزع ثوب القداسة و التشويه الذي لحق به ورفع تلك الهالة الملائكية التي صبغت بها سيرخلفاء الدولة الإسلامية، لأن تحريف التاريخ لن يجعنا أفضل، كما لم يجعل ذلك الباباوات ورجال الدين في أروبا العصور الوسطى .فهم في النهاية بشر تتنازعهم غرائر تتراوح بين الخير والشر والظلال والصلاح.
كتاب "نزهة الالباب فيما لا يوجد في كتاب" لأحمد التيفاشي
كتاب " الرق في بلاد المغرب والأندلس" عبد الله بن مليح
كتاب " الأدب الأندلسي من الفتح إلى سقوط الخلافة"أحمد هيكل
كتاب"السلطان الشريف" محمد نبيل ملين
كتاب"الذخيرة" ابن بسام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق